En

النفط عند مفترق طرق... صمود مؤقت يسبق الانحدار

احمد الوندي - نائب رئيس المؤسسة ومتخصص في مخاطر أمن الطاقة

حذّر عدد من كبار المسؤولين في قطاع تجارة النفط المشاركين في منتدى دولي للطاقة عُقد في لندن من أن صلابة سوق النفط الحالية تخفي حالة متزايدة من التراخي والاطمئنان المفرط.

فعلى الرغم من استمرار النزاعات وتغيّر أنماط الإمدادات، يبدو أن خام برنت قد وجد أرضية دعم قرب مستوى 60 دولاراً للبرميل. إلا أن المشاركين أشاروا إلى أن ضعف تسعير المخاطر الجيوسياسية وزيادة المعروض من دول أوبك وخارجها، إلى جانب تباطؤ الطلب الصيني على الوقود، قد تؤدي جميعها إلى مزيد من التراجع في الأسعار خلال الفترة المقبلة.

متانة السوق

أشارت التوقعات إلى احتمال حدوث فائض في الإمدادات النفطية، ومع ذلك ما تزال المخزونات عند مستويات منخفضة والأسواق الفعلية تعاني شحاً في الإمداد. ويُعزى هذا الصمود إلى عوامل سياسية وسلوكيات تخزين احترازية ونقص هيكلي في الإمدادات في بعض المناطق.

وأكد عدد من المتحدثين أن السوق بدأت تميل تدريجياً إلى الجانب الأضعف، وأن الأسعار تتجه نحو الانخفاض، محذرين من أن أي اختلال في توازن السوق قد ينعكس بسرعة على الأسعار. وتوقعت المداولات أن تهبط الأسعار إلى منتصف نطاق الخمسينات خلال فصل الشتاء، قبل أن تستقر مجدداً بين 62 و66 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من عام 2026.

النفط الصخري الأميركي

تمت الإشارة إلى أن القطاع الصخري في الولايات المتحدة سيكون عاملاً محورياً في تحديد اتجاه السوق، إذ تتراجع ربحية الإنتاج عند انخفاض الأسعار إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، الأمر الذي يدفع الشركات إلى إعادة النظر في خطط الحفر والتوسع. كما أُشير إلى أن انخفاض الأسعار قد يؤدي تدريجياً إلى تراجع الإنتاج الأميركي بما يتراوح بين 200 إلى 300 ألف برميل يومياً في عام 2026، مع تأخر الأثر الكامل بسبب طبيعة الدورات التشغيلية.

تأثير الصين

لعبت الاحتياطيات الاستراتيجية الصينية دوراً مهماً في استقرار السوق خلال عام 2025 من خلال امتصاص كميات كبيرة من الخام، رغم غياب الشفافية حول حجم هذه المخزونات. إلا أن آفاق الطلب الصيني بدت محدودة، حيث بلغ استهلاك البنزين والديزل ذروته، بينما يعاني قطاع البتروكيماويات من ضعف الجدوى الاقتصادية بسبب تخمة المعروض.

ويستمر التحول السريع نحو الكهربة في الصين مع تطور تقنيات البطاريات واعتماد السيارات الكهربائية، مما يقلل من نمو الطلب على الوقود التقليدي. وبينما يظل وقود الطائرات نقطة نمو جزئية، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الصين لن تكون المحرك الرئيسي للطلب العالمي في المرحلة المقبلة.

ضعف تسعير المخاطر

أجمع المشاركون على أن الأسواق أصبحت أقل حساسية تجاه المخاطر الجيوسياسية، إذ يتم التعامل مع الصراعات الإقليمية والهجمات على منشآت الإنتاج وكأنها محسومة أو مستقرّة. وقد حذّر عدد من المتحدثين من أن هذا الاطمئنان المفرط قد يؤدي إلى تقلبات حادة في حال حدوث أي اضطرابات جديدة في الإمدادات.

انتقال بطيء للطاقة

أشار المتحدثون إلى أن شركات التجارة العالمية قلّصت استثماراتها في مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق بسبب ضعف العوائد وعدم وضوح السياسات الحكومية، وتركز الآن على الوقود الحيوي واحتجاز الكربون وتجارته، حيث تمتلك ميزة في الخبرة اللوجستية وإدارة المخاطر.

ويرى الخبراء أن التحول الكهربائي هو المسار الأكثر استدامة، وأنه سيفتح فرصاً جديدة في تجارة الطاقة الكهربائية مع تزايد الحاجة لموازنة الشبكات في ظل عدم انتظام مصادر الطاقة المتجددة.

واتفق المشاركون على أن عامي 2024 و2025 شكّلا مرحلة من العمل المكثف مقابل عوائد أقل، حيث تراجعت هوامش الربح وصعُبت الاستفادة من تقلبات الأسعار، لكن تنويع المحافظ بين النفط والغاز والكهرباء والمعادن ساعد في تخفيف حدة المخاطر والحفاظ على قدر من الاستقرار.

التقرير PDF

تعليقات الزوار