تقرير أسبوعي: ديون الحكومات المحلية في ظل الأوضاع المتقلبة

مقدمة

تُعد الحكومات المحلية والجهات الإقليمية الفاعلة الرئيسة في تقديم الخدمات العامة ومواجهة التحديات الهيكلية المستدامة، إلا أنها غالبًا ما تُغفل في مناقشات السياسات المالية الكلية. في هذا التقرير، نسلط الضوء على الضغوط الاقتصادية الكلية التي تواجه الحكومات المحلية، إضافة إلى التحديات المتعلقة بأسواق السندات الخاصة بها، ونقدم توصيات للسياسات الهادفة إلى تعزيز الشفافية وتحسين أُطر الحوكمة المالية.

الضغوط الاقتصادية على الحكومات المحلية

تشهد العديد من الدول انخفاضاً في النشاط الاقتصادي مع استمرار التضخم المرتفع وسياسات نقدية مشددة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى مستويات غير مسبوقة خلال العقد والنصف الأخيرين. وتواجه الحكومات المحلية، التي تعتمد بشكل كبير على التحويلات المركزية وتلتزم بقواعد موازنة صارمة، تحديات كبيرة تتمثل في محدودية قدرتها على الاقتراض وتحمل أعباء الإنفاق الاجتماعي والاستثماري.

تُظهر البيانات الحديثة تدهوراً ملحوظاً في الأوضاع المالية للحكومات المحلية في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، حيث تحولت أغلبها من فائض مالي إلى عجز متزايد، كما تأثرت بشكل كبير بارتفاع تكاليف خدمة الدين، الأمر الذي يقلص فرص الاستثمار ويهدد استقرار الخدمات العامة.

تحديات هيكلية في أسواق السندات المحلية

تكشف الأسواق المالية عن ضعف واضح في تمييز المخاطر بين مختلف الجهات الحكومية المحلية، إذ تُظهر بيانات العوائد على السندات المحلية تركزاً غير مبرر حول معدلات قريبة من أسعار الفائدة الخالية من المخاطر، ما يعكس وجود تحيز في تقييم المخاطر المالية.

ويرجع ذلك جزئياً إلى توقعات غير رسمية واسعة الانتشار حول تدخل الحكومات المركزية لدعم الجهات المحلية في حال تعرضها لأزمات مالية، وهو ما يخلق مخاطر أخلاقية ويشجع على الاقتراض المفرط وعدم الكفاءة في تخصيص الموارد المالية.

الدروس المستفادة من أزمة جائحة كوفيد-19

شكلت جائحة كوفيد-19 اختباراً حقيقياً للأنظمة المالية الحكومية، حيث واجهت الحكومات المحلية ضغوطاً مزدوجة تمثلت في انخفاض الإيرادات وزيادة المصروفات، مما استدعى تدخلات مركزية استثنائية لإنقاذ الميزانيات المحلية وحماية الخدمات الأساسية.

ومع ذلك، لم تستفد معظم الأنظمة المالية من الفرصة لتعزيز استدامة الأطر المالية المحلية على المدى الطويل، مما يُهدد استقرار المالية العامة في مواجهة الصدمات القادمة، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الفائدة وتفاقم الديون.

توصيات سياسية لتعزيز الاستدامة المالية

يوصي التقرير باتباع مجموعة من الإصلاحات المالية تشمل:

تعزيز الشفافية المالية: عبر إلزام الحكومات المحلية بنشر تقارير مالية وديون موحدة وفي مواعيد منتظمة.

تحديث قواعد الحوكمة المالية: من خلال وضع قواعد مالية واضحة قابلة للتنفيذ مع آليات رقابة مستقلة ومرونة للتعامل مع الصدمات الاقتصادية.

تحديد دور ودعم الحكومة المركزية: بوضع معايير شفافة للمعونة المالية والتدخلات الاستثنائية، لمنع خلق توقعات غير واقعية بالتدخل الدائم.

تنسيق السياسات بين المستويات الحكومية: لضمان دعم الاستثمارات الوطنية في مجالات التحول الطاقي والبنية التحتية الرقمية والإسكان، دون المساس بالاستدامة المالية.

الخاتمة

إن إدارة ديون الحكومات المحلية تشكل تحدياً متزايد الأهمية في ظل البيئة الاقتصادية العالمية المتقلبة وارتفاع تكاليف التمويل. إن إهمال هذه التحديات قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار المالي والاقتصادي على المستويين المحلي والوطني. لذا، يتوجب على الدول تعزيز الأطر المالية والحوكمة لدى الحكومات المحلية لضمان استدامة التمويل وتحقيق التنمية المستدامة.

 

تعليقات الزوار