في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز ريادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتحديث البنية التحتية للطاقة، شاركت شركة أمازون، عبر ذراعها السحابية "Amazon Web Services"، في "قمة الابتكار والطاقة" التي عقدت في ولاية بنسلفانيا يوم 15 يوليو 2025، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبحضور عدد من كبار مسؤولي الشركات والتقنيين وصنّاع القرار في قطاعات الطاقة والذكاء الاصطناعي.
استثمارات ضخمة لتعزيز الصدارة التكنولوجية
أعلن مات غارمان، المدير التنفيذي لـ AWS، عن التزام الشركة بضخ استثمارات تتجاوز 20 مليار دولار في ولاية بنسلفانيا، لتوسيع بنية مراكز البيانات الداعمة لتقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وتتضمن هذه الاستثمارات شراكة محورية مع محطة الطاقة النووية "ساسكويهانا"، التي ستساهم في تزويد مراكز البيانات بالكهرباء الموثوقة وخالية الانبعاثات.
ويمثل هذا التعاون نموذجاً متقدماً لتكامل التكنولوجيا النظيفة مع البنية التحتية الرقمية، ويشمل تمويلاً لتحديث شبكات النقل الكهربائي الإقليمية، ما يعود بفوائد مباشرة على المستخدمين المحليين.
الطاقة النووية في قلب الابتكار المستدام
في إطار رؤيتها طويلة المدى، كشفت أمازون عن نيتها استكشاف استخدام مفاعلات نووية صغيرة (SMRs) كمصدر بديل ومستدام للطاقة في منشآتها. وقد سبق للشركة أن خصصت أكثر من 500 مليون دولار لمشروع SMR في ولاية واشنطن، ما يضعها في مقدمة الداعمين للجيل التالي من الطاقة النووية منخفضة الكربون.
وتُعد هذه الخطوة تحولاً جوهرياً في فلسفة شركات التكنولوجيا الكبرى تجاه الطاقة، حيث لم يعد الاعتماد مقتصراً على الطاقة الشمسية أو الرياح، بل شمل الطاقة النووية كمكون أساسي لضمان الاستقرار والمرونة.
البنية التحتية في مواجهة التحديات
أشار التقرير إلى أن نحو 70% من شبكات النقل الكهربائي في الولايات المتحدة يعود تاريخها إلى أكثر من 25 عاماً، ما يشكل عائقاً حقيقياً أمام توسع الذكاء الاصطناعي. لذلك دعت أمازون إلى تبني إصلاحات إجرائية وقانونية لتسريع تراخيص البنية التحتية، بما يتيح جذب استثمارات خاصة تدعم التقدم التكنولوجي وتحد من المخاطر الاقتصادية.
فرص تنموية للولايات الريفية
استثمارات أمازون لا تقتصر على بنسلفانيا؛ بل تشمل ولايات مثل نورث كارولينا، جورجيا، إنديانا، أوهايو، فرجينيا، وميسيسيبي. هذه المناطق التي كانت تُصنّف سابقًا كـ"مهمّشة اقتصادياً"، تتحوّل اليوم إلى بؤر ديناميكية للازدهار التكنولوجي، مع توقعات بخلق آلاف الوظائف عالية المهارة، وتحفيز نمو سلاسل الإمداد المحلية.
مساهمات في التعليم وبناء الكفاءات
خصصت أمازون أيضًا 250 ألف دولار لدعم مبادرات تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في شمال شرق بنسلفانيا، كما أطلقت برامج تدريبية على المهارات الرقمية والمهنية اللازمة في اقتصاد الذكاء الاصطناعي. هذه الاستراتيجية تبرز البعد الاجتماعي للمشروع، إلى جانب أثره التكنولوجي والاقتصادي.
الولايات المتحدة أمام منعطف حاسم
جاءت مداخلات غارمان والرئيس ترامب خلال القمة لتعكس قناعة متنامية بأن الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي يمثل "ضرورة أمن قومي". فبينما تتجه دول مثل الصين لتعزيز قدراتها في هذا المضمار، تسعى الولايات المتحدة إلى تثبيت تفوقها عبر مزيج من الاستثمار التكنولوجي، وتحديث البنية التحتية، ودعم الطاقة المستدامة.
من منظور استشرافي، تمثل هذه القمة بداية لمنهج جديد في ربط مشاريع الذكاء الاصطناعي بشبكات الطاقة، ما سيعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والأمني في أميركا لعقود مقبلة.
تعليقات الزوار