الضغط الأمريكي على قطاع النفط والغاز الروسي يفتح الباب أمام توسّع صادرات الطاقة الأمريكية
تزايد الضغط الأمريكي المباشر وغير المباشر على صناعة النفط والغاز في روسيا أعاد فتح قنوات جديدة أمام صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات النفطية. فبينما يؤكد مسؤولون في موسكو أن سياسة واشنطن العدائية تجاه قطاع الطاقة الروسي تهدف في جوهرها إلى تعزيز صادرات الولايات المتحدة، يبقى ذلك محل جدل. لكن ما لا يمكن إنكاره هو أن المنتجين الأمريكيين بدأوا بالفعل بجني ثمار هذه السياسات مؤخراً.
وتبرز الهند كمثال حديث على ذلك؛ إذ رفعت ثاني أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم مشترياتها من الخام الأمريكي بعد تعرّضها لضغوط تجارية مكثفة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أغسطس بسبب شراء النفط الروسي.
تُظهر بيانات الشحن من شركة «كبلر» المتخصصة بالأبحاث التحليلية أن صادرات النفط من ساحل خليج الولايات المتحدة إلى الهند قفزت في أكتوبر إلى أعلى مستوى خلال أربعة أعوام ونصف، لتصل إلى نحو 550 ألف برميل يومياً، وهو ما يعادل أكثر من ضعف متوسط الأشهر الثلاثة السابقة. وتشمل هذه الكميات نحو 85 ألف برميل يومياً من النفط الكندي المعاد تصديره من الساحل ذاته. ورغم ذلك، فقد ارتفعت حصة الخام الأمريكي بشكل ملحوظ داخل مزيج واردات الهند، إذ بلغت مشتريات «ميدلاند» الأمريكية 270 ألف برميل يومياً في أكتوبر، وهو أعلى مستوى خلال ثلاث سنوات وفقاً لبيانات «كبلر».
وكان آخر شهر تجاوزت فيه واردات الهند من النفط الأمريكي حاجز 500 ألف برميل يومياً هو فبراير 2022، تزامناً مع بدء الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، حين اضطرت الشركات الروسية إلى تقديم تخفيضات كبيرة على أسعار خامها والبحث عن أسواق بديلة لصادراتها.
وبعد أن نجح النفط الروسي المخفّض السعر في الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق الهندية، اختفى الخام الأمريكي بالكامل من واردات الهند في يناير 2024. وعلى الرغم من استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي، فإن وضع شركتي «روسنفت» و«لوك أويل» ضمن دائرة العقوبات الأمريكية قد يدفع الهند إلى زيادة مشترياتها من الخام الأمريكي خلال الفترة المقبلة.
وفي السياق ذاته، عادت البرازيل لزيادة وارداتها من المنتجات النفطية الأمريكية بعد تراجع طاقة التكرير الروسية — ثالث أكبر طاقة تكريرية في العالم — بنحو 10% عن مستوياتها الاعتيادية نتيجة أعطال كبيرة داخل المصافي، تسبب العديد منها بهجمات أوكرانية بطائرات مسيّرة.
وبحسب بيانات «كبلر»، قفزت واردات البرازيل من الديزل وزيت الغاز الأمريكي إلى متوسط 150 ألف برميل يومياً خلال سبتمبر-أكتوبر، بزيادة تعادل الثلثين مقارنة بمتوسط الأشهر الثلاثة السابقة. ومن المتوقع أن تبقى الشحنات عند المستويات ذاتها في نوفمبر، وربما ترتفع في ديسمبر مع بدء تنفيذ العقوبات على «روسنفت» و«لوك أويل»، وهما أكبر مصدّرين روسيين للديزل.
وقبل عام 2023 — حين فُرض الحظر الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية وتحوّلت وجهتها إلى أسواق أخرى — كانت الولايات المتحدة تصدّر نحو 140 ألف برميل يومياً من الديزل وزيت الغاز إلى البرازيل. لكن دخول روسيا بقوة إلى السوق دفع الصادرات الأمريكية للانخفاض إلى 60 ألف برميل يومياً في 2023 وإلى 40 ألف برميل يومياً في 2024، بينما ارتفعت صادرات روسيا إلى البرازيل من مستوى شبه معدوم إلى نحو 185 ألف برميل يومياً في 2024.
الخلاصة: كل وحدة طاقة تخسرها روسيا في أسواق التصدير، تمثّل فرصة إضافية للولايات المتحدة لتعزيز موقعها في تجارة الطاقة العالمية.
تعليقات الزوار