شهدت العاصمة الروسية موسكو انعقاد النسخة الثامنة من أسبوع الطاقة الروسي (REW 2025)، الذي جمع كبار المنتجين الروس والأجانب والمديرين التنفيذيين لشركات الخدمات والمسؤولين الحكوميين، تحت شعار "نصنع معاً طاقة المستقبل". وتضمّن المنتدى جلسات نقاش عامة ومتخصصة، إلى جانب معرضٍ للتقنيات والمعدات الحديثة الخاصة بقطاع الطاقة.
في الجلسة العامة للمنتدى، شدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن روسيا عازمة على تعزيز مكانتها كقوة رائدة في سوق الطاقة العالمي، وبناء شراكات تساهم في إنشاء نموذج عالمي مستدام للطاقة يخدم الأجيال القادمة.
وقال بوتين: "من المهم إدارة الإنتاج والاحتياطات بكفاءة، وضمان التطور التكنولوجي والبيئي للقطاع، من أجل تلبية احتياجات السوق المحلية وتحقيق الأهداف الوطنية والوفاء بالالتزامات الخارجية. لقد التزمنا بذلك وسنواصل المضي فيه، فهذا من أولوياتنا القصوى."
وأضاف أن الصناعة الحديثة للطاقة أصبحت قطاعاً عالي التقنية وسريع التطور، يسعى دوماً إلى أحدث الحلول الصناعية والعلمية، مشيراً إلى ضرورة التركيز على التجهيزات المتطورة والحلول الرقمية في مجالات الكهرباء والنفط والغاز والفحم، وفي عملية التحول الطاقي لاقتصادات الدول.
وأوضح الرئيس الروسي أن سلاسل التوريد في سوق الغاز العالمي تشهد تحولات كبيرة، فبعد أن قرر الاتحاد الأوروبي الاستغناء عن الغاز الروسي، اتجهت موسكو نحو الأسواق الآسيوية، في خطوة تعزز تنويع صادراتها نحو مناطق أكثر "وعياً ومسؤولية"، على حد وصفه. وقال بوتين: "إن خطوة الاتحاد الأوروبي لم تؤدِّ إلا إلى تسريع إعادة توجيه صادراتنا لصالح شركاء أكثر وعياً بمصالحهم الوطنية ويتصرفون بعقلانية بناءً عليها."
وفي سياق ذي صلة، ذكرت التقارير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي التوقف عن شراء النفط والغاز الروسيين، كما وجّه طلباً مشابهاً إلى الصين لإعادة النظر في تعاملاتها الطاقوية مع موسكو. ورغم ذلك، لم تتوقف نيودلهي عن استيراد الطاقة من روسيا، حيث أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نهاية سبتمبر أن واشنطن تسعى فقط إلى "تسويق مواردها الخاصة" تحت ستار العقوبات.
وتشير البيانات إلى أن روسيا والهند نجحتا في إعادة هيكلة تجارتهما الثنائية، حيث أضيفت السلع الاستهلاكية إلى جانب موارد الطاقة. وصرّح رئيس مجلس الأعمال الهندي أكاشديب سينغ لصحيفة إزفستيا أن المنتجات الطاقوية الروسية لا تزال المكوّن الأساسي في التبادل التجاري بين البلدين، موضحاً أن النفط الروسي شكّل 34% من إجمالي واردات الهند من الهيدروكربونات، مستفيداً من الخصومات التي تجعله "الخيار الأكثر اقتصادية".
من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن موارد الطاقة الروسية ما تزال مطلوبة اقتصادياً وجديرة بالتعاون المستمر، مضيفاً: "نواصل العمل مع شركائنا الأصدقاء، ومواردنا الطاقوية مطلوبة وذات جدوى اقتصادية، وأنا واثق من استمرار تعاون شركائنا معنا وتطوير الشراكات في مجال الطاقة."
كما أوضح بوتين أن الطلب على الغاز في ازدياد مستمر في آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، بينما تراجع في أوروبا إلى ما دون مستويات عام 2019 بسبب انخفاض الإنتاج الصناعي، قائلاً: "حين يتراجع الإنتاج الصناعي، يقلّ الطلب على الغاز الطبيعي، وهذا هو السبب ببساطة."
وخلال فعاليات المنتدى التي استمرت من 15 إلى 17 أكتوبر، تم توقيع عدة اتفاقيات وعقود تعاون تمهّد لتوسيع الشراكات الدولية في قطاع الطاقة. وأفادت تقارير حصلت عليها مجلة Modern Diplomacy بأن القطاع الطاقوي الروسي يجذب استثمارات سنوية تقارب 125.4 مليار دولار، ويساهم بما يتراوح بين 16 و20% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يخلق "طلباً هائلاً وفرصاً كبيرة" لتطوير الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا الحديثة.
             
            
تعليقات الزوار