En

كلمة رئيس مؤسسة غداً د. عباس راضي في إطلاق "تقرير غداً للمخاطر 2026"

أصحاب المعالي والسعادة ممثلون المؤسسات الوطنية والدولية والبعثات الدبلوماسية الزملاء الأخوة والاخوات

 السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

 ارحب بكم في هذا اليوم الذي يمثل علامة فارقة في مسار التفكير الاستراتيجي العراقي حيث نلتقي في مؤتمر اطلاق تقرير غداً للمخاطر 2026 والذي تنظمه مؤسسه غداً لإدارة المخاطر، لقد انطلقت مؤسسه غداً من إيمان عميق بأن الوعي بالمخاطر هو الشرط الأول لصناعة المستقبل وإن بناء الدول لا يقوم فقط على الموارد بل على الفهم العميق للتحولات التي تصوغ مصائر الشعوب.

ومنذ تأسيسها سعت غداً إلى أن تكون منبراً وطنياً مستقلاً للتفكير العميق وصناعه القرار الرشيد عبر مبادراتها البحثية ومنتدياتها الفكرية وفي مقدمتها منتدى بغداد الدولي للطاقة الذي اصبح مساحة حوار جاد بين صناع القرار وخبراء الطاقة والاقتصاد وإلى جانبه تقرير المخاطر الذي نحتفل اليوم بإطلاق نسخته الأولى كأحد أهم ثمار هذا التوجه البحثي.

أيها الحضور الكرام أن هذا التقرير لا يكتفي برصد ما هو ظاهر من تحديات بل يسعى الى تفكيك البنية العميقة للمخاطر التي تواجه العراق في المدى القريب والمتوسط في محاولة لبلورة رؤية وطنيه شامله تتجاوز رد الفعل الى الفعل الاستباقي وتجمع بين التحليل العلمي والقراءة الجيوسياسية الواعية.

لقد خلصت دراسات مؤسسة غداً إلى أن العراق يقف أمام مجموعه من التحديات والمخاطر المتشابكة التي تمس كل مفاصل الدولة ومصالحها والمجتمع. المخاطر المائية التي تفرض تحديات وجودية على الأمن الغذائي والحياة الزراعية والاستقرار المجتمعي المخاطر الطاقية المرتبطة بتحولات سوق الطاقة العالمي وضغوط الانتقال نحو الطاقة النظيفة وتحديات استدامة الثروة النفطية المخاطر الاقتصادية التي تتصل بتذبذبات الايرادات العامة وضعف التنويع وغياب سياسات اقتصادية مرنة قادرة على امتصاص الصدمات.

المخاطر الفكرية والثقافية والقيمية التي تمس وعي الأجيال الجديدة وتختبر قدرتنا على حماية الهوية الوطنية من الانغلاق والذوبان المخاطر السيبرانية والتكنولوجية التي تتزايد مع الرقمنة الشاملة للمؤسسات والبيانات وتفرض الحاجه إلى أمن رقمي وطني مستدام.

المخاطر السياسية والجيوسياسية التي تعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة و تضع العراق في قلب صراعات التوازن الاقليمي والدولي هذه ليست مجرد عناوين بل هي قضايا تمس جوهر الامن القومي في العراق بمفاهيمه الحديثة امن الماء الطاقة أمن الاقتصادي أمن السيادة والمعلومة،ـ وإذا كنا في مؤسسة غداً نضع هذه المخاطر أمامكم اليوم فليس ذلك لتوصيف الخطر فحسب بل للدعوة إلى بناء عقل وطني جديد في إدارة المخاطر، عقل يرى في كل تحد فرصة وفي كل أزمة بوابة للتصحيح والاصلاح.

لقد اثبتت التجارب أن الأمم التي تتجاهل إشارات الخطر تدفع ثمن الغفلة مضاعفاً، أما الأمم التي تواجه تحدياتها بالعلم والمعرفة والرؤية فهي وحدها التي تكتب بوعيها فصول نهوضها.

ومن هنا جاءت فكرة هذا التقرير، ليكون أداة استشراف ومرجعية وطنية تسهم في السياسات العامة ورسمها وتساعد مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني على التحرك من موقع الإدراك لا من موقع المفاجأة.

السيدات والسادة إن هذا المؤتمر لا يمثل ختام جهد بحثي بل بداية لمسار وطني طويل نحو إرادة المخاطر بمفاهيمه التنموية والحوكمة والرؤية المستقبلية، فمؤسسة غداً لا تسعى إلى أن تكون مركزاً للبحث فقط، بل شريكاً في صناعة الوعي وصياغة القرار عبر عمل مؤسسي منفتح على العالم ومستند الى خصوصية التجربة العراقية وإلى طموحها بأن تكون فاعلاً إيجابياً في محيطها الاقليمي والدولي.

ختاماً أتقدم بالشكر الجزيل والامتنان لفريق الباحثين والمفكرين الذين اسهموا في إعداد هذا التقرير ولكل الشركاء والداعمين الذين آمنوا بفكرة غداً ورسالتها، إننا نؤمن أن النهضة تبدأ من الوعي وأن الوعي يبدأ من الجرأة على التشخيص والصدق في المواجهة وبهذا الوعي نخطو معاً نحو مستقبل أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً للعراق.

شكراً لحضوركم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

 

تعليقات الزوار