
التفاوض كإدارة مخاطر: عراقجي وأسلوب التفاوض الإيراني

العراق يواجه التطرف الالكتروني: معركة جديدة بعد داعش

تقرير "غداً" لإدارة المخاطر عام 2025

المغرب تدمج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية

رهان ميتا الكبير: أرباح قياسية ومخاطر شاهقة

تدخل إدارة المخاطر العالمية، وفقاً لنتائج المسح العالمي لإدارة المخاطر 2025 الصادر عن شركة Aon، مرحلة جديدة تتسم بتشابك غير مسبوق بين التهديدات. فبعدما كانت المخاطر تُصنّف سابقاً كلُ في نطاقه – سواء كان تقنياً أو سياسياً أو مناخياً – باتت اليوم مترابطة بشكل منهجي.
وتدفع هذه التحولات المؤسسات والدول على حد سواء إلى إعادة النظر في آليات الاستجابة، والانتقال من إدارة المخاطر التقليدية إلى تبني نهج المرونة الاستراتيجية الذي يحول المخاطر من تكلفة إلى أداة تنافسية.
أولاً: ملامح التحول في خريطة المخاطر
يشير التقرير إلى أربعة اتجاهات كبرى تعمل كقوى دافعة لتقارب المخاطر:
التكنولوجيا: خصوصًا الذكاء الاصطناعي والاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية، بما يفتح الباب أمام الهجمات السيبرانية وتعطل البنية التحتية.
التجارة: تصاعد النزاعات التجارية والعقوبات المتبادلة وتأثيرها على سلاسل الإمداد العالمية.
الطقس: التغير المناخي الذي أصبح “مضاعفاً” للمخاطر الأخرى من خلال الكوارث الطبيعية المتكررة.
القوى العاملة: التحولات في أسواق العمل والضغوط الناتجة عن نقص المهارات وارتفاع تكلفة الأجور.
هذا التداخل يعيد تشكيل البيئة الاستراتيجية للشركات والحكومات على حد سواء.
ثانياً: صعود المخاطر الجيوسياسية
قفزت التقلبات الجيوسياسية من المرتبة 21 في عام 2023 إلى المرتبة التاسعة في 2025، مع توقع وصولها إلى المرتبة الخامسة بحلول 2028.
يُظهر التقرير أن أوروبا تعاني بالفعل من أعلى مستويات الخطر (المركز السادس عالمياً)، ومن المرجح أن يتقدم هذا التهديد ليصبح ثالث أكبر مخاطرة بحلول 2028، مدفوعًا بالحرب في أوكرانيا، التوترات مع روسيا، وتصاعد النزعات الشعبوية.
آسيا مرشحة بدورها لارتفاع حاد في التهديدات من المركز 11 إلى الرابع، بفعل الصراع الأميركي–الصيني وتوترات بحر الصين الجنوبي وكوريا الشمالية.
أمريكا الشمالية ستظل دون المتوسط العالمي، بينما تشهد أمريكا اللاتينية بيئة أقل توتراً نسبياً.
هذا التحول يضع المؤسسات أمام تحدٍ مزدوج: تأمين استثماراتها في بيئات عالية الاضطراب، وإعادة صياغة شبكات الإمداد لتقليل الانكشاف على بؤر الصراع.
ثالثاً: استمرار المخاطر السيبرانية في الصدارة
رغم صعود الجيوسياسة، تظل الهجمات السيبرانية وتسريبات البيانات الخطر الأكبر للشركات عالمياً في 2025، ومن المتوقع أن تحافظ على هذه الصدارة حتى 2028.
السبب يكمن في الاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية وسلاسل القيمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
تصاعد “الحرب السيبرانية” بين الدول، بما يحول الإنترنت إلى ساحة صراع مفتوح موازية للميادين العسكرية.
رابعاً: المناخ كمضاعف للمخاطر
أحد أخطر ما يكشفه التقرير أن الكوارث المناخية لم تعد تهديداً بيئياً بحتاً، بل عاملاً يضاعف من خطورة بقية المخاطر.
بلغت الخسائر المؤمن عليها من الكوارث الطبيعية 100 مليار دولار في النصف الأول من 2025 فقط، وهو أعلى مستوى منذ 2011.
الأثر لم يعد مقتصراً على الاقتصاد، بل يمتد إلى الأمن الغذائي، الاستقرار الاجتماعي، والهجرة القسرية، ما يزيد من هشاشة النظم السياسية.
خامساً: من إدارة المخاطر إلى بناء المرونة
يدعو التقرير إلى الانتقال من عقلية رد الفعل إلى بناء القدرة على الصمود الاستراتيجي، عبر:
دمج إدارة المخاطر في استراتيجيات الأعمال بدلاً من حصرها كوظيفة دعم.
استخدام التحليلات المتقدمة ونمذجة السيناريوهات لاستباق الأزمات بدلًا من التعامل معها كوقائع طارئة.
تطوير خطط شاملة للطوارئ تشمل التكنولوجيا، البنية التحتية، والموارد البشرية.
إعادة تصور المخاطر كفرص، إذ يمكن للاستثمار في الأمن السيبراني والطاقة النظيفة مثلاً أن يحول التحديات إلى مصادر للنمو والميزة التنافسية.
خاتمة
تكشف نتائج المسح أن العالم مقبل على مرحلة يُعاد فيها تعريف العلاقة بين المخاطر والفرص. فالتقلبات الجيوسياسية والمناخية والتكنولوجية لن تكون مجرد تهديدات عابرة، بل عناصر بنيوية ستعيد تشكيل النظام الدولي والاقتصاد العالمي. ومن هنا، فإن قدرة الدول والمؤسسات على بناء مرونة شاملة هي التي ستحدد الفائزين والخاسرين في حقبة الاضطرابات المقبلة.
تعليقات الزوار