
التفاوض كإدارة مخاطر: عراقجي وأسلوب التفاوض الإيراني

العراق يواجه التطرف الالكتروني: معركة جديدة بعد داعش

تقرير "غداً" لإدارة المخاطر عام 2025

المغرب تدمج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية

رهان ميتا الكبير: أرباح قياسية ومخاطر شاهقة

تكلف خروقات البيانات وإخفاقات الأمن المؤسسات مليارات الدولارات سنويًا، إذ تضعف ثقة المستهلكين وتعرّض المعلومات الحساسة لمستويات غير مسبوقة من الانكشاف. حتى عمالقة الصناعة يجدون أنفسهم عرضة للخطر، حيث تفتح الثغرات الصغيرة الطريق إلى عواقب وخيمة.
إحدى تلك الثغرات قادت علاء عبد الرضا إلى شركة فيسبوك، التي دفعت له أكثر من 55 ألف دولار بعد اكتشافه ثغرات بالغة الأهمية، من بينها إمكانية الوصول المتكرر إلى لوحة التحكم الداخلية.
لقد بنى علاء مسيرة نادرة عند تقاطع هندسة البرمجيات والأمن السيبراني. وُلد في العراق، ويجسد الدور المزدوج: باني الأنظمة الآمنة ومُختبرها أخلاقياً.
هذا النهج متعدد التخصصات جعله عنصراً لا غنى عنه في بيئات الشركات الناشئة والمؤسسات الكبرى على حد سواء، حيث ساعد المنظمات على التحرك بسرعة من دون التفريط بالأمن، ونجح في تقديم حلول متوازنة بين الابتكار من جهة والمرونة والثقة من جهة أخرى.
البدايات المهنية في العراق
بدأ عبد الرضا مسيرته المهنية في شركة GPSLVN بالعراق، مساندًا حلول التتبع وإدارة الأساطيل التي استخدمتها الدوائر الحكومية والسفارات.
كان مسؤولاً عن صيانة الخوادم، وخطوط التكامل والتسليم المستمر (CI/CD)، والبنية التحتية الخلفية التي تدير أنظمة حساسة وفعالة على مدار الساعة، ما عزز قدرته على بناء بيئات تتحمل الفشل شبه المعدوم.
لم تكن هذه المسؤوليات مجرد تجربة أولية؛ بل شكّلت العقلية التشغيلية التي سيطبقها لاحقاً في حماية المنصات العالمية. نفس الصرامة التي جلبها للأنظمة الحكومية في العراق، أصبحت حجر الأساس لنجاحه في شركات مثل SerpApi، حيث أسس بنية رقمية واسعة وآمنة.
وفي عام 2020، شارك في هاكاثون "هوماثون" الذي استضافه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني، حيث طور حلولًا لمواجهة تحديات جائحة كورونا. كان ذلك مثالاً مبكراً على كيفية توظيف مهاراته التقنية لتحقيق أثر ملموس، وهو مبدأ لا يزال يرشد عمله في أعلى مستويات هندسة الأمن.
النمو الدولي
بدأت مسيرة علاء الدولية بالانتقال إلى أدوار اختبار الاختراق.
تعاون مع منظمات مثل Intellum و Mitratech، حيث اكتشف ثغرات حرجة – بعضها بمستوى تنفيذ التعليمات عن بُعد (RCE) – شكلت مخاطر فورية على أنظمة البرمجيات المؤسسية.
تميّزت مقاربته بالمنهجية: لم يكتفِ بكشف العيوب، بل عمل مع فرق التطوير لتصميم إصلاحات آمنة، محوّلًا الثغرات من نقاط ضعف إلى دروس عملية.
نال علاء اعترافاً عالمياً مبكراً عندما اكتشف ثغرات بالغة الأهمية في بنية فيسبوك التحتية، منها الوصول إلى لوحات التحكم الداخلية. أدت إفصاحاته إلى مكافآت تفوق 55 ألف دولار، وإدراج اسمه مرات عدة في لوحة الشرف الخاصة بالشركة، إضافة إلى دعوات لحضور مؤتمر DEFCON عامي 2018 و2019.
تكررت إشادات مشابهة من تويتر ووزارة الدفاع الأمريكية، ما عزز مكانته كأحد أبرز الهاكرز الأخلاقيين عالميًا.
وفي SerpApi – مزود واجهات بيانات API أميركي – تطور دوره من مختبر اختراق إلى مهندس برمجيات أول، بينما شغل أيضاً منصب القائد الأمني الوحيد في الشركة. حافظ على واجهات API وأنظمة الدفع وأدوات استخراج البيانات، وعزز البنية التحتية عبر مراجعة يومية للشيفرات وعكس الهندسة (Reverse Engineering).
قدرته على التحول بسلاسة بين أدوار "المهاجم والمدافع" منحته ميزة نادرة، إذ سمحت له ببناء أنظمة متينة والتنبؤ بتهديدات يعجز الآخرون عن ملاحظتها.
الأساس الأكاديمي والشهادات
بجانب خبرته العملية، واصل علاء تعليمه الأكاديمي ونال شهادات مهنية متقدمة:
حصل على بكالوريوس في هندسة الحاسوب من جامعة خاركيف الوطنية للإلكترونيات الراديوية (أوكرانيا)، حيث أسس قاعدة صلبة في تصميم الأنظمة والبرمجة وحل المشكلات.
حصل على اعتماد Offensive Security Web Expert (OSWE)، وهي شهادة مرموقة تختبر مهارات الاستغلال العملي ومراجعة الشيفرات الآمنة.
هذه الإنجازات تعكس مبدأه الثابت: التعلم المستمر، الممارسة الدؤوبة، وتطبيق المعرفة لحل التحديات الأمنية الأكثر إلحاحاً.
الفلسفة المهنية
يقول علاء: «الأمن يجب أن يمكّن الابتكار، لا أن يعطّله». شعاره: «ابنِه بشكل صحيح، ثم اكسره قبل أن يفعل الآخرون».
يتعامل مع كل مشروع بنزاهة وفضول ورغبة في ترك الأنظمة أكثر أماناً مما وجدها. وقد جسّد ذلك بوضوح في عمله على منصة فيسبوك، حيث كشف ثغرات خطيرة في آليات التحقق من الهوية وثغرات SSRF، لكنه لم يكتفِ بالكشف عنها، بل وثّق الحلول وتعاون مباشرة مع فرق الهندسة لتقوية الدفاعات.
متأثراً برؤية خبير الأمن الشهير بروس شناير: "الأمن عملية وليس منتجاً"، يمزج علاء بين الإتقان التقني والتكرار المستمر والالتزام بالتطبيق العملي.
كما تركت كتب مثل The Web Application Hacker’s Handbook و Thinking, Fast and Slow أثرًا في مسيرته، إذ عززت إدراكه لأهمية العوامل البشرية بقدر الأنظمة التقنية في تحقيق الأمان الرقمي.
نحو تشكيل مستقبل الابتكار الآمن
ينظر علاء إلى المستقبل بخطط لتوسيع تأثيره عبر نشر أبحاث أصلية، وتوجيه الجيل الجديد من خبراء الأمن السيبراني، والمساهمة في صياغة الممارسات الأمنية العالمية من خلال القيادة والابتكار.
سجله يتحدث بوضوح: دعوات من فيسبوك لحضور مؤتمر DEFCON مرتين، إدراج اسمه في لوحات الشرف الخاصة بـ فيسبوك وتويتر ووزارة الدفاع الأمريكية.
بمزيج نادر من الإتقان التقني والقيادة الأخلاقية، يساهم علاء عبد الرضا في رسم ملامح الابتكار الآمن في العصر الحديث، مُلهِماً المتخصصين حول العالم لبناء أنظمة أكثر أماناً ومرونة يوماً بعد يوم.
سارة كلاين – صحفية متخصصة في الأمن السيبراني وبرمجيات المؤسسات.
تعليقات الزوار