كيف يمكن لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ قيادة الاستجابة العالمية لتغير المناخ؟

مؤسسة غداً لإدارة المخاطر - ترجمة

مع تصاعد تأثيرات تغير المناخ على الصعيد العالمي، تقع منطقة آسيا والمحيط الهادئ في نقطة محورية؛ فهي من أكثر المناطق تعرضاً، لكنها تتمتع بقدرة فريدة على قيادة الاستجابة العالمية لتغير المناخ.

تضم المنطقة 4.3 مليار نسمة عبر 58 دولة، ومن المتوقع أن تستحوذ على 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2045. وتُعد قوة اقتصادية ضخمة، تقابلها قدرة ابتكارية جريئة – من أنظمة الطاقة الرائدة إلى التصميم الحضري المرن – مع التزام موحد بين الحكومات والصناعات والمجتمعات بالتحرك بشكل حاسم وتعاوني.

منذ تعييني مديراً إقليمياً لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركتنا، أجريت العديد من المحادثات مع العملاء والشركاء في المنطقة التي تعزز هذا المنظور. وأعتقد أن هناك ثلاث أدوات استراتيجية قوية يمكن أن تقود التغيير المنهجي بالسرعة والحجم المطلوبين لقيادة الاستجابة العالمية لتغير المناخ.

1. تبني الاقتصاد الدائري كمبدأ أساسي

إعادة التفكير في كيفية تخطيط وتنفيذ وصيانة البنية التحتية أصبح ضرورة. نحن نساعد عملائنا بالفعل على تقليل الهدر، وإطالة عمر الأصول، ودمج مبادئ الاقتصاد الدائري في مشاريعهم أو عملياتهم. الهدف هو الحفاظ على البنية التحتية القائمة، وإعادة استخدام المواد قدر الإمكان، وتجنب الاستخراج غير الضروري للموارد الخام.

في تايلاند، يُعد الاقتصاد الدائري جزءاً أساسياً من استراتيجية النمو الوطنية. عملنا مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لدراسة تطبيقاته في قطاعات الغذاء والزراعة، والمعدات الكهربائية والإلكترونية، والبناء. يقدم تقريرنا توصيات سياسية وغير سياسية، ويبرز الفرص ذات التأثير العالي استناداً إلى البيانات ورؤى أصحاب المصلحة.

كما أصبح إعادة الاستخدام التكيفي Adaptive Reuse أكثر شيوعاً، مع التركيز على الاحتفاظ بالهياكل القائمة وإعادة التفكير في كيفية استخدام المواد. من خلال تصميم المباني بطريقة مرنة وقابلة للتفكيك وإعادة الاستخدام، يمكن للبنية التحتية أن تتطور مع مرور الوقت.

مثال بارز هو برج Quay Quarter في سيدني، حيث فضل العميل إعادة استخدام الهيكل الأصلي وتقليل الكربون المحبوس. احتفظ تصميمنا بـ65% من الأسقف الأصلية والبنية، و98% من الجدران والهيكل الرئيسي، مما وفر نحو 12,000 طن من الكربون المحبوس.

2. الاستثمار في الابتكار والبنية التحتية والطبيعة

لتهيئة المدن المستدامة والمرنة، يجب دمج الابتكار في تصميم البنية التحتية. باستخدام تقنيات متقدمة مثل IoT وAI وتحليل البيانات عبر أدوات ومنصات رقمية، يمكن تحسين عمليات التصميم واستخدام الموارد وتقليل الانبعاثات التشغيلية. هذا يخلق مدناً أكثر كفاءة واستدامة، تعزز الوظائف والمرونة، وتوفر حماية أفضل من الفيضانات، وتستخدم مواد تتحمل الظروف القاسية، وتقوي الهياكل لمواجهة الضغوط المستقبلية.

الحلول المستندة إلى الطبيعة ضرورية أيضاً. من الحواجز الساحلية والممرات الخضراء إلى المسارات التكيفية، تستفيد هذه الحلول من العمليات الطبيعية لمواجهة التحديات البيئية.

مثال Qianwan Park في شنتشن، الصين يوضح كيفية تبني الحلول الطبيعية في الفضاءات الحضرية، مما يخلق بيئات معيشية مستدامة ومرنة. من خلال التصميم المستدام، والابتكار الرقمي، والترميم البيئي، يعزز المشروع التواصل بين الناس والطبيعة.

3. بناء قوى عاملة مجهزة لمستقبل المناخ

لقيادة الاستجابة المناخية وتحقيق أهدافنا، نحتاج إلى بناء قوة عاملة مرنة وقادرة على دعم الصناعات الخضراء الناشئة – من الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة إلى التنمية الحضرية الذكية مناخياً. يمثل هذا تحدياً جماعياً، ولكنه فرصة يمكن أن تضيف 47 تريليون دولار إلى اقتصادات المنطقة بحلول عام 2070 وتخلق 180 مليون وظيفة بحلول عام 2050.

حوالي 80% من المهارات المطلوبة للتحول منخفض الانبعاثات موجودة بالفعل في القوى العاملة الحالية. ولإطلاق هذه الإمكانات، يتطلب الأمر استثمارات مستهدفة في التدريب، والتنقل عبر الحدود، ومسارات تدريب شاملة.

مثال: في جنوب أوكلاند، نيوزيلندا، أنشأنا أول خطة اقتصادية إقليمية للبلاد، تمثل رؤية للاستدامة والازدهار، مع دمج خبرتنا في التخطيط الحضري والاستشارات الاستثمارية. قيمنا المهارات المتاحة في المنطقة لتحديد كيفية تحويلها إلى صناعات المستقبل، بما في ذلك الاقتصاد الدائري والصحة والبناء.

الفرصة الاستثنائية

تقف منطقة آسيا والمحيط الهادئ عند مفترق طرق حاسم لمواجهة آثار تغير المناخ وتصميم الاستراتيجيات العالمية التي ستحدد مستقبلنا الجماعي. الفرصة واضحة: مع نقص القيادة الحاسمة في بعض الأسواق الأخرى، تتمتع المنطقة بالحجم والديناميكية لتحديد وتيرة الاستجابة المناخية العالمية. الفرص الاقتصادية هائلة، واستغلالها يمكن أن يعزز النمو الإقليمي، ويخلق ملايين الوظائف الخضراء، ويضع معايير جديدة للتنمية المستدامة.

الخلاصة

هذا أكثر من مجرد مسؤولية؛ إنها فرصة استثنائية لجعل آسيا والمحيط الهادئ الرائدة عالمياً في العمل المناخي، مسترشدة بالشجاعة، والإبداع، والالتزام المشترك بالمرونة والاستدامة. بالتعاون مع الشركاء والعملاء والمجتمعات، يمكن مشاركة الخبرات وتحفيز التغيير واسع النطاق لضمان مستقبل أكثر استدامة للمنطقة والعالم.

 

بقلم تي سي تشيو - المدير الإداري لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (APAC)

تعليقات الزوار