تحوّل الممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني (CPEC) من كونه مشروعاً يركز على البنية التحتية إلى إستراتيجية شاملة تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد الباكستاني وتعزيز الاندماج الإقليمي، في إطار رؤية مشتركة بين إسلام آباد وبكين تشمل التنمية الصناعية، والتوسع التكنولوجي، وضمان الأمن المستدام.
وفق تحليل للدكتور صاحب زاده محمد عثمان، يشهد CPEC مرحلة جديدة تجلت في لقاءات رفيعة المستوى بين وزيري خارجية البلدين على هامش اجتماعات منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تم التأكيد على أهمية الممر لتعزيز الربط الإقليمي ودعم مبادرة "الحزام والطريق".
تسهيل الاستثمار والتحول الاقتصادي
يلعب مجلس الأعمال المشترك الباكستاني–الصيني (PCJCCI) دور جسر بين الحكومة والمستثمرين الصينيين، عبر إنشاء "مكاتب الصين" داخل الدوائر الحكومية لتسريع الموافقات وتقليل البيروقراطية، مما يعزز ثقة المستثمرين.
كما يدفع المجلس نحو اقتصاد أخضر عبر مشاريع للطاقة المتجددة، والتنقل الكهربائي، والصناعات الهندسية والزراعية، مع خطط لإنشاء مراكز ابتكار صناعي ومناطق تجريبية للتحول من تصدير المواد الخام إلى التصنيع المتقدم.
تطوير رأس المال البشري
ضمن المرحلة الثانية من CPEC، اتفقت باكستان والصين على برامج تدريب مهني في مجالات الذكاء الاصطناعي، والزراعة، والضيافة، والإنشاءات، مع الاعتراف المتبادل بالشهادات المهنية مع دول الخليج مثل السعودية وعُمان، ما يفتح آفاقاً جديدة لتوظيف العمالة الماهرة وزيادة التحويلات المالية. ومن المقرر أيضاً إنشاء مركز لتدريب الكفاءات العالية في مجالات التصنيع الذكي والتجارة الإلكترونية.
أمن الممر وحماية الاستثمارات
تعطي باكستان أولوية قصوى لتأمين الممر والعاملين فيه عبر دوريات مكثفة وتنسيق بين الأجهزة الأمنية، إلى جانب أنظمة استجابة طارئة ومراقبة، لضمان بيئة آمنة للاستثمار طويل الأمد.
مشروعات استراتيجية جديدة
خلال الاجتماع الـ81 لمراجعة تقدم CPEC برئاسة وزير التخطيط إحسان إقبال، جرى بحث مشاريع لزيادة القيمة المضافة، منها إنشاء مصنع لصهر النحاس في تشاغي، وتشغيل محطة تحلية مياه بطاقة 1.2 مليون جالون يومياً في جوادر لحل أزمة المياه ودعم النشاط البحري للميناء.
يرى الكاتب أن CPEC لم يعد مشروعاً ثنائياً فحسب، بل أساساً لبناء آسيا أكثر ترابطاً وازدهاراً، حيث يتكامل الأمن والتنمية والربط التجاري في إطار رؤية إستراتيجية طويلة المدى.
تعليقات الزوار