
التفاوض كإدارة مخاطر: عراقجي وأسلوب التفاوض الإيراني

العراق يواجه التطرف الالكتروني: معركة جديدة بعد داعش

المغرب تدمج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية

مجموعة أوراسيا تتوقع أبرز المخاطر الجيوسياسية لعام 2025

تقرير المخاطر العالمية 2024

في ظل تصاعد التحديات العالمية، أرست الصين، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، ودول مجلس التعاون الخليجي، مساراً غير مسبوق للتعاون العابر للأقاليم، عبر عقد قمة ثلاثية تاريخية في العاصمة الماليزية كوالالمبور، التي تتولى حالياً رئاسة آسيان.
وفي هذه القمة الافتتاحية التي عقدت يوم الثلاثاء، دعا رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ الأطراف الثلاثة إلى أن يشكّلوا معياراً عالمياً جديداً في الانفتاح، والتعاون التنموي، والتكامل بين الحضارات، وذلك في وقت تتنامى فيه الحمائية وتتصاعد التوترات الجيوسياسية التي تهدد بتفكك النظام الدولي.
وقال لي إن تعزيز الترابط والتعاون بين الصين وآسيان والخليج يمكن أن يخلق دائرة اقتصادية نابضة بالحياة ومحركاً قوياً للنمو، وهو ما يحمل أهمية عميقة ليس فقط لازدهارهم المشترك، بل لتعزيز السلام والتنمية في آسيا والعالم.
وصرّحت الخبيرة السياسية في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، لي بي ماي، أن القمة تمثل مبادرة جيدة لمواجهة التوجهات الانعزالية، وأضافت: "القمة تثبت أن الاقتصادات يمكن أن تتكامل بدلاً من أن تتنافس، مما يخفف من المخاوف من أن التنمية ممكنة فقط عبر الانغلاق".
ودعا لي تشيانغ في الاجتماع الثلاثي إلى بناء نموذج عالمي للتعاون والتنمية عبر ثلاثة محاور:
الانفتاح العابر للأقاليم.
التعاون بين مراحل التنمية المختلفة.
التكامل بين الحضارات المتنوعة.
دعم لمبادرة "الحزام والطريق" وتكامل ثلاثي
وخلال القمة، تعهد القادة بتعزيز التعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، مع التركيز على تعميق العلاقات في مجالات الترابط والتجارة وسلاسل الإمداد والصناعة والزراعة والطاقة والمالية والاقتصاد الرقمي. كما التزموا بتسريع التكامل الثلاثي نحو تنمية قوية وشاملة ومستدامة.
وقد تم اعتماد بيان مشترك وصفه رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم بأنه "تفصيلي ومتقن"، ويحمل رسالة قوية للتضامن الثلاثي. وأشار البيان إلى جهود الدول المعنية لتعزيز التعاون بين آسيان، ومجلس التعاون الخليجي، والصين، ورؤية الصين لبناء مجتمع صيني-آسياني ومجتمع صيني-عربي بمستقبل مشترك في العصر الجديد.
وصرّح أندرو كام جيا يي، الباحث البارز في معهد الدراسات الماليزية والدولية بجامعة مالايا الوطنية، أن القمة أظهرت كيف يمكن لقوة كل طرف أن تكمل الأخرى: "موارد الطاقة والتمويل من الخليج، وقاعدة المستهلكين المتنامية في آسيان، والقدرات التكنولوجية والمالية للصين، تخلق معًا سلاسل توريد أكثر مرونة، وتعزز الأمن الغذائي والطاقي للجميع".
تعزيز التعاون الثلاثي من خلال التنمية عالية الجودة
عقب القمة، ألقى لي تشيانغ كلمة في افتتاح منتدى التعاون الاقتصادي بين الصين وآسيان والخليج لعام 2025، مؤكّداً التزام الصين بتنشيط التعاون الثلاثي من خلال التنمية عالية الجودة، وتعهد بتوسيع الانفتاح على أعلى المستويات، وتعزيز التكامل بين الاقتصادين المحلي والدولي، ومشاركة فرص التنمية الصينية مع دول آسيان والخليج، وشركات العالم كافة.
وأشار إلى أن هذا التعاون الثلاثي لا يقتصر على الاتفاقيات، بل يشكّل منصة جديدة للحوار والتواصل بين دول الجنوب العالمي، مما يتيح لها تنسيق مواقفها في القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز صوتها على الساحة العالمية.
كما شدد البيان المشترك على ضرورة تعزيز الثقة في نظام التجارة متعدد الأطراف القائم على القواعد، بقيادة منظمة التجارة العالمية، وجدّد التزام الدول بجعل العولمة الاقتصادية أكثر انفتاحاً وشمولية وتوازناً، وبما يعود بالنفع على الشعوب والأجيال القادمة.
لقاءات جانبية لتعزيز الحوكمة العالمية
وفي لقاءات ثنائية على هامش القمة، أكد لي تشيانغ استعداد الصين لتعزيز دور الجنوب العالمي في تحسين الحوكمة العالمية.
ففي اجتماعه مع رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه، أكد لي رغبة بلاده في تعزيز التواصل والتعاون مع فيتنام، لحماية مصالح الجنوب العالمي المشتركة.
وفي لقاء سابق مع ولي عهد الكويت، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، أكد لي التزام الصين بتعزيز التنسيق مع الكويت عبر المنصات متعددة الأطراف، من أجل الدفع نحو حوكمة عالمية أكثر عدالة ومساواة، وبناء عالم أكثر تناغماً واستقراراً وازدهاراً.
واختتم الباحث أندرو كام تصريحه بالقول إن "هذه القمة الثلاثية تشجع المناطق الأخرى على اتباع نماذج تعاون مماثلة، وهي دليل على تضامن متصاعد، حيث تعمل دول الجنوب العالمي معًا لصياغة مستقبلها، والتعبير عن أولوياتها على الساحة الدولية، وبناء نظام عالمي أكثر عدالة واستقرارًا من الأساس".
تعليقات الزوار