
التفاوض كإدارة مخاطر: عراقجي وأسلوب التفاوض الإيراني

العراق يواجه التطرف الالكتروني: معركة جديدة بعد داعش

المغرب تدمج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية

مجموعة أوراسيا تتوقع أبرز المخاطر الجيوسياسية لعام 2025

تقرير المخاطر العالمية 2024

بالنسبة للطلاب حول العالم، لطالما مثّل خطاب القبول من جامعة هارفارد ذروة الإنجاز، ومفتاحًا للانضمام إلى النخبة في حرم جامعي خرّج فائزين بجائزة نوبل، وقادة صناعات، وزعماء عالميين.
لكن هذه الجاذبية باتت مهددة. ففي تصعيد للمواجهة مع البيت الأبيض، تلقت هارفارد أقسى ضربة حتى الآن يوم الخميس، عندما منعت الحكومة الأمريكية الجامعة من تسجيل طلاب أجانب.
هذا القرار يهدد مكانة هارفارد العالمية، وإيراداتها، وجاذبيتها بين نخبة الأكاديميين على مستوى العالم.
وحتى أكثر من التخفيضات البالغة 2.6 مليار دولار في تمويل الأبحاث، يُعد هذا الإجراء الحكومي تهديداً وجودياً للجامعة، كما جاء في دعوى قضائية رفعتها هارفارد: "من دون طلابها الدوليين، هارفارد ليست هارفارد".
وفي غضون ساعات من القرار، بدأت تظهر التداعيات. فقد صرّح القصر الملكي في بلجيكا أن الأميرة إليزابيث، التي أنهت سنتها الأولى في برنامج دراسات عليا بهارفارد، تنتظر معرفة ما إذا كان يمكنها العودة العام المقبل.
الحكومة الصينية أيضًا شكّكت علنًا في ما إذا كانت مكانة هارفارد الدولية ستصمد.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماو نينغ، في مؤتمر صحفي ببكين: "الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة ستضر بصورتها ومصداقيتها الدولية فقط".
وقد أوقف قاضٍ فدرالي يوم الجمعة تنفيذ القرار مؤقتًا بينما تُنظر الدعوى القضائية.
الطلاب: أحلامنا ومستقبلنا في خطر
في حرم هارفارد، عبّر الطلاب الدوليون عن صدمتهم وارتباكهم وقلقهم العميق بشأن مصير دراستهم وخططهم المستقبلية ووضعهم القانوني في الولايات المتحدة.
قال وليد عاكف، طالب دراسات عليا مصري في تاريخ الفن: "هذا القرار سيكلّفني 20 عاماً من حياتي. أنا لا أبالغ. خطّطت للمجيء إلى هارفارد على مدار 15 عاماً".
عاكف حصل على شهادتين ماجستير وتعلم عدة لغات قبل وصوله إلى الجامعة، كما عبّر عن قلقه على أسرته، خصوصًا مع حمل زوجته واقتراب موعد ولادتها، ما يصعب سفرها.
وأضاف: "هذا كارثي تماماً. سأفقد الاستقرار، وسأفقد أحلامي، بل حياتي الجميلة."
ورغم أنه يأمل أن تتمكن هارفارد من معالجة الأمر، إلا أنه بدأ ينظر في خيارات بديلة، نظراً لتزايد صعوبة السياسات الأمريكية تجاه الطلاب الأجانب.
وقال طالب دراسات قانونية من آسيا - رفض ذكر اسمه خوفاً من الانتقام - إنه كان يخطط للبقاء في الولايات المتحدة والعمل، "لكن ليس بعد الآن. لا أرى مستقبلي هنا."
قرار قد يطيح بربع طلاب الجامعة
رغم أن هارفارد تمتلك صندوقاً مالياً يُقدّر بـ53 مليار دولار يمكنه امتصاص الخسائر في التمويل الفيدرالي، إلا أن هذا القرار يضرب في عمق بنية الجامعة.
التبعات تشمل إمكانية خسارة ما يصل إلى ربع طلاب الجامعة، ونصف طلاب بعض كليات الدراسات العليا، فضلاً عن فقدان مساهمات الطلاب الباحثين والمساعدين التدريسيين، وحتى فرق رياضية قد تُفقد لاعبيها الأساسيين.
كات، طالبة صينية في علوم البيانات، قالت وهي تستعد للتخرج: "أكبر مخاوفي هو الترحيل الفوري بعد التخرج. لا نعرف وضعنا القانوني بدقة".
وبحسب الدعوى القضائية، فإن القرار - إذا استمر - سيمنع هارفارد من تسجيل طلاب دوليين جدد لمدة عامين دراسيين على الأقل، مما قد يدفع الطلاب المتفوقين إلى الابتعاد خشية إجراءات حكومية مستقبلية.
الجامعة تضم حوالي 6,800 طالب دولي، 30% منهم من الهند والصين.
عندما سُئل الرئيس دونالد ترامب عمّا إذا كان سيفرض قيوداً على جامعات أخرى، أجاب: "نحن نراجع الكثير من الأمور. هارفارد يجب أن تغيّر من نهجها. وكذلك جامعات أخرى. نحن لا نريد مثيري المشاكل من دول أخرى".
عالم من الصدمة وبدائل قيد الدراسة
في ملف الدعوى، ذكّرت هارفارد بأسماء بعض من أبرز خريجيها الدوليين، مثل بينظير بوتو رئيسة وزراء باكستان السابقة، وإلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا السابقة، والإمبراطورة ماسّاكو من اليابان.
وقد تفاجأ طلاب حصلوا مؤخراً على قبول من هارفارد بالقرار، لكن الكثيرين حاولوا إيجاد حلول لمواصلة مشوارهم بها، بحسب جيمي بيتون، خريج هارفارد ومؤسس شركة "كريمسون إديوكيشن" التي تساعد الطلاب في التقديم للجامعات.
مع ذلك، بدأ بعض الطلاب بالفعل بمراجعة خيارات أخرى، إذ وجّهت جامعتان في هونغ كونغ دعوات للطلبة المتضررين.
فانغ، طالبة صينية قُبلت في برنامج ماجستير بهارفارد، عبّرت عن خيبة أملها: "أشعر وكأن عالمي قد انهار. إذا أصبحت أمريكا بلداً لا يرحب بي، فأنا لا أريد الذهاب إليها".
ألكسندرا كونوفسكا، طالبة كندية تدرس تغيّر المناخ، اضطرت لإلغاء بحثها الصيفي والنظر في العمل بكندا، لكنها قررت في النهاية البقاء في هارفارد: "لقد استثمرت في هذا البلد، ولن أستسلم بسهولة".
"هارفارد ستصمد... لكن صورة التعليم الأمريكي تتصدع"
بحسب مايك هيننغر، رئيس شركة "إلوم" لخدمات التعليم الدولي، فإن القرار أثار ضجة إعلامية في دول عديدة.
قال: "الردود كانت مذهلة: ’غير معقول!‘ ’يا إلهي!‘ ’أمر لا يُصدق!‘". وأشار إلى أن المتضرر الحقيقي ليس طلاب هارفارد، بل آلاف الطلاب الآخرين الذين بالكاد تمكنوا من دخول جامعات حكومية، ويتساءلون الآن: "هل نكون نحن الضحايا القادمين؟"
واختتم بالقول: "طلاب هارفارد سيكونون بخير، لكن الضرر الحقيقي يلحق بصورة التعليم الأمريكي عالمياً، حيث بدأت الولايات المتحدة تُرى كبلد أقل ترحيباً بالطلاب الأجانب".
تعليقات الزوار