رهانات الغاز في إندونيسيا تهدد الاقتصاد والصحة والمناخ

تُحذر تقارير جديدة من أن خطة إندونيسيا لزيادة إنتاجها من الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي إلى الضعف تقريبًا بحلول عام 2040 قد تُحكم البلاد في الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يقوض أهدافها المتعلقة بالحد من الانبعاثات الصفرية. ووفقًا للتقرير، فإن بناء بنية تحتية جديدة لمحطات الغاز قد يتسبب في تكبد الدولة خسائر تصل إلى 57 مليار دولار بحلول عام 2040، مهددةً 6.7 مليون وظيفة، بينما قد يُحقق الاستثمار في الطاقة المتجددة المدارة من المجتمع فوائد تصل إلى 159 مليار دولار و96 مليون وظيفة.

تشكل محطات الغاز أيضًا تهديدات صحية كبيرة بسبب تلوث الهواء، وقد يتكبد نظام التأمين الصحي الوطني خسائر تصل إلى 103 مليارات دولار، بالإضافة إلى تهديد التنوع البيولوجي في المناطق الساحلية والنظم البيئية الحساسة.

ويحذر التقرير أيضًا من أن إندونيسيا قد تصبح معتمدة على اليابان في تكنولوجيا الغاز، مما يُحكمها في فخ طويل الأمد للوقود الأحفوري الذي يعود بالنفع الاقتصادي على اليابان بينما يحول العبء البيئي إلى إندونيسيا.

آراء الخبراء

في تقرير جديد، انتقد مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية (CELIOS) ومنظمة "غرينبيس إندونيسيا" بشدة توجه إندونيسيا نحو الغاز الطبيعي، مشيرين إلى أن هذا التوجه قد يُلزم البلاد بالاعتماد على الوقود الأحفوري تحت ستار الطاقة النظيفة، مما يلحق أضراراً بالغة بالاقتصاد والصحة العامة والبيئة.

وذكر التقرير أن ربع الشبكة الوطنية، أو 26 جيجاوات، يتم تشغيلها بواسطة الغاز حالياً، بينما أعلنت الحكومة عن خطط لبناء 22 جيجاوات إضافية من محطات الغاز بحلول عام 2040.

حتى إذا تم تشغيل المشاريع التي تم الإعلان عنها فقط، والتي تبلغ 2.6 جيجاوات، فإن ذلك سيترجم إلى انبعاثات إضافية تبلغ 5.97 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون و5,332 طناً مترياً من الميثان سنوياً، حسبما ورد في التقرير.

وفي حالة اكتمال التوسع الكامل البالغ 22 جيجاوات من محطات الغاز، ستصل الانبعاثات إلى 49 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون و44,000 طن من الميثان سنوياً، مما يجعل اعتماد الغاز غير متوافق مع أهداف إندونيسيا المناخية.

تكاليف اقتصادية وإضرار بالصحة العامة

تكمن إحدى المشكلات الرئيسية التي تم تحديدها في التقرير في تكاليف بناء بنية تحتية جديدة للغاز. وقدّر التقرير أن بناء محطات الغاز الجديدة قد يؤدي إلى خسائر تصل إلى 941 تريليون روبية (57 مليار دولار) بحلول عام 2040.

وفي المقابل، يمكن أن يؤدي تطوير الطاقة المتجددة المدارة من قبل المجتمع إلى فوائد اقتصادية تصل إلى 2,630 تريليون روبية (159 مليار دولار) خلال نفس الفترة.

كما يُعرض توسع الغاز لخطر فقدان 6.7 مليون وظيفة، خاصة في قطاعي الصيد والصناعات الساحلية حيث يُتوقع أن تكون التأثيرات الناجمة عن محطات الغاز الجديدة — مثل النقل والتلوث والاستيلاء على الأراضي — هي الأكثر وضوحاً.

لكن الطاقة المتجددة قد تخلق ما يصل إلى 96 مليون وظيفة على مدى 25 عاماً، نظراً لطبيعتها التي تتطلب العديد من الأيدي العاملة، وفقاً لما قاله بهيما يودهيسيترا، المدير التنفيذي لـ CELIOS.

المخاطر البيئية والصحية

أشار التقرير إلى أن محطات الغاز تهدد التنوع البيولوجي في المناطق الساحلية والمجتمعات التي تعيش هناك. في منطقة كاروانغ في جاوة الغربية، حيث تقع أكبر محطة طاقة تعمل بالغاز في جنوب شرق آسيا، اشتكت المجتمعات المحلية من تعطل طرق صيدهم بسبب حركة سفن الغاز الطبيعي المسال إلى ومن المحطة.

ويُضيف التقرير أن انبعاثات أكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة والمركبات العضوية المتطايرة من محطات الغاز يمكن أن تتسبب في أمراض تنفسية وأمراض قلبية وأخرى مزمنة في المجتمعات القريبة من هذه المحطات.

الآثار الجيوسياسية

ويتطرق التقرير أيضًا إلى الأبعاد الجيوسياسية لتوجه إندونيسيا نحو الغاز، محذرًا من أن البلاد قد تقع في فخ الاعتماد على اليابان التي تدعم هذه الخطة بشكل كبير. اليابان هي واحدة من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال في العالم، ولديها التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال، لكن ليس لديها الموارد اللازمة لتطويرها.

يشير التقرير إلى أن اليابان تسعى إلى الحصول على الغاز من إندونيسيا بينما تحاول أيضاً تصدير تقنياتها، مما يتيح لها الاستفادة من هذا التوجه في حين تتحمل إندونيسيا العبء البيئي الناجم عن استخراج الغاز ومعالجته وتسييله.

التوصيات

في ضوء هذه المخاطر، دعا التقرير الحكومة الإندونيسية إلى إلغاء خطط بناء محطات الغاز الجديدة وإعادة توجيه الدعم والموارد نحو تطوير الطاقة المتجددة.

وأكد التقرير أن إندونيسيا تمتلك إمكانات ضخمة للطاقة المتجددة تصل إلى 432 جيجاوات، وهي قدرة تفوق بكثير الـ 22 جيجاوات من الغاز التي تخطط الحكومة لبنائها. ويُعتقد أن تطبيق تحول معتدل نحو الطاقة المتجددة يمكن أن يقلل الانبعاثات بحوالي 9.2 مليون طن بحلول عام 2030.

وأوصى التقرير بتطوير الطاقة المتجددة المجتمعية، بدلاً من المشاريع المدفوعة من الشركات الكبرى، حيث أن الطاقة المتجددة المجتمعية توفر فوائد اقتصادية وصحية أكبر وتؤدي إلى انخفاض في التذبذب الاقتصادي.

الدفاع الحكومي

في المقابل، دافع المسؤولون الإندونيسيون عن إدراج الغاز كمصدر رئيسي في مزيج الطاقة الوطني، مؤكدين أن الغاز يوفر الاستقرار الشبكي والقدرة على توفير الطاقة عند الحاجة، وهي مزايا لا تقدمها الطاقة المتجددة المتقطعة مثل الشمس والرياح دون تخزين مكلف للبطاريات.

من ناحية أخرى، حذر الخبراء من أن إندونيسيا قد تواجه خطر نفاد الغاز المحلي إذا استمرت في خطة التوسع هذه، مما قد يؤدي إلى تحولها إلى مستورد صافٍ للغاز بحلول عام 2040.

خلاصة

يؤكد التقرير أن إندونيسيا بحاجة إلى التحول إلى الطاقة المتجددة من خلال استثمارات كبيرة في مشاريع محلية مدارة مجتمعياً، مما يمكن أن يحسن الوضع الاقتصادي والصحي والبيئي على المدى الطويل.

تعليقات الزوار