ترامب والاقتصاد: الفرص والمخاطر

تشير استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين لا يزالون يشعرون بالإحباط بسبب الاقتصاد الذي سرق ازدهارهم واستنزف معنوياتهم، لا سيما المواطنون من ذوي الدخل المحدود. وبالطبع، كان هذا الإحباط أحد العوامل الرئيسية التي دفعت الرئيس دونالد ترامب إلى العودة إلى البيت الأبيض لفترة ولاية ثانية، بفوز انتخابي على المستوى الوطني يمثل رفضًا لانحدار الاقتصاد تحت إدارة بايدن ("بايدنوميكس") وتطلعًا إلى العودة لازدهار سياسات "ماغانوميكس" (MAGAnomics).

 

التحديات أمام إدارة ترامب الثانية

 

لكن في الوقت ذاته، يشكل هذا القلق تحديات أمام الإدارة الجديدة، التي تحتاج إلى تحقيق إنجازات ملموسة وبسرعة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم تقديم خطة ترامب الاقتصادية وإنجازاتها بطريقة فعالة لإقناع المواطنين، الذين أنهكتهم التجربة السابقة وأصبحوا أكثر تشككًا.

 

تحول سياسي: الجمهوريون يصبحون "حزب العمال" الجديد

 

لحسن الحظ، يكشف هذا الاستطلاع الوطني، الذي شمل أكثر من 1,700 ناخب، أن المواطنين الكادحين باتوا يفضلون الحزب الجمهوري بقيادة ترامب باعتباره "حزب العمال" الجديد، متجاوزًا الديمقراطيين، وهو تحول سياسي كبير مقارنة بالماضي. كما أكد الاستطلاع أن الناخبين يولون أهمية قصوى للاقتصاد، حيث تصدرت قضية التضخم اهتمامات 58% من المستطلعين عند سؤالهم عن أهم بندين على أجندة البيت الأبيض الجديد، يليها تخفيض الضرائب بنسبة 27%، ثم الهجرة ومراقبة الحدود بنسبة 26%.

 

استياء واسع من رئاسة بايدن

 

تم إجراء هذا الاستطلاع من قبل TIPP Insights لصالح رابطة العمال الأمريكيين، وشمل عينة من الناخبين الذين صوتوا لصالح ترامب بفارق نقطتين عن هاريس في انتخابات 2024. ووجد الاستطلاع أن الناخبين ينظرون بسخط شديد إلى رئاسة بايدن، حيث حصل على نسبة تأييد بلغت 37% فقط مقابل 53% غير راضين عن أدائه، بينما أيده 28% فقط من المستقلين خلال ولايته الوحيدة.

 

المخاطر التي تواجه إدارة ترامب رغم فوزها

 

ومع ذلك، تكشف الأرقام أيضًا عن تحديات حقيقية تواجه الكونغرس والإدارة الحالية. على سبيل المثال، عند سؤال الناخبين عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية: "إذا بقيت أسعار البقالة على حالها أو ارتفعت حتى الصيف، فمن ستلوم؟"، ألقى 45% من المستطلعين باللوم على ترامب، بينما ألقى 26% اللوم على بايدن، و19% ألقوا اللوم على كليهما، بينما كان 10% غير متأكدين.

 

هذه النتائج لا ينبغي أن تثير الذعر، لكنها تستدعي تركيزًا حادًا على المهمة المقبلة. الهدف الأساسي للإدارة الجديدة يجب أن يكون تحقيق نهضة اقتصادية شاملة تعم جميع الأمريكيين، إلى جانب حملة إعلامية فعالة لترويج هذه الأجندة والاحتفال بالإنجازات.

 

خطوات عملية للنهوض بالاقتصاد ورفع الروح المعنوية

 

أمام هذا الواقع، ومع إدراك الحالة المزاجية القاتمة التي يعيشها المواطنون بعد أربع سنوات من سياسات بايدن غير المستقرة فيما يخص الهجرة والتضخم، ما هي الخطوات الفعلية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي ورفع معنويات الأمة؟

 

خطابات اقتصادية واضحة من ترامب وكبار المسؤولين

يجب تقديم مبررات موضوعية توضح مدى سوء الإرث الاقتصادي الذي تركه بايدن. على سبيل المثال، الاعتماد على معايير عملية مثل القدرة على تحمل تكاليف السكن، التي وصلت إلى أسوأ مستوياتها على الإطلاق في عهد بايدن، وفقًا لتقرير غولدمان ساكس.

 

طرح خطة اقتصادية واضحة للمستقبل

يجب أن يكون من الواضح أن ترامب لم يتسبب في هذه الفوضى، لكنه القائد المثالي لإصلاحها. يجب شرح كيفية استعادة القدرة الشرائية ورفع المعنويات الاقتصادية.

 

شرح مرحلة الانتقال من الاقتصاد القائم على العولمة والإنفاق الحكومي المفرط

يجب أن يفهم المواطنون أن التحول من اقتصاد قائم على تصدير الوظائف إلى الخارج والإنفاق الحكومي المفرط إلى اقتصاد وطني مستدام قد يكون مضطربًا على المدى القصير. ولكن في النهاية، ستؤدي سياسات الاقتصاد القومي القائم على الشعبوية الاقتصادية إلى عصر جديد من النجاح.

 

استعادة السيادة الاقتصادية الأمريكية

 

في مجال السياسات، يجب الإصرار على استعادة السيادة الأمريكية في التجارة والهجرة. كما وعد ترامب في خطاب تنصيبه، فإن أجندة جديدة لإدارة الإيرادات الخارجية قد بدأت بالفعل، ولن يُسمح بعد الآن للدول الأخرى باستغلال العمال الأمريكيين من خلال ممارسات تجارية غير عادلة أو غير متكافئة.

 

سواء كان الأمر يتعلق بالدول الصديقة أو المنافسة، يجب أن تدرك الشركات والدول الأجنبية أنها لن تتمكن من استغلال الأسواق الأمريكية بطريقة غير عادلة بعد الآن. لكن الأهم من ذلك، يمكن للولايات المتحدة من خلال تعزيز إنتاج الطاقة المحلية وإلغاء اللوائح التنظيمية الزائدة أن تخلق بيئة جذابة للشركات الأجنبية لإنتاج سلعها داخل الأراضي الأمريكية، مما يمنحها وصولًا غير مقيد إلى أكبر سوق استهلاكية في العالم.

 

السيطرة على الهجرة غير الشرعية وحماية العمال الأمريكيين

 

يجب ألا يواجه العمال الأمريكيون منافسة غير عادلة وغير قانونية من موجات المهاجرين غير الشرعيين الذين تم إدخالهم إلى البلاد بواسطة إدارة بايدن وهاريس. كما يُظهر الاستطلاع دعمًا واسعًا لسياسة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، حيث أيد 79% من الناخبين ترحيل جميع المهاجرين غير القانونيين الذين لديهم سجلات جنائية.

 

إعادة الانضباط المالي إلى الحكومة الأمريكية

 

على الصعيد الداخلي، يجب أن يكون تحقيق الاستقرار المالي جزءًا أساسيًا من جعل أمريكا بيئة خصبة لنجاح الشركات. يبلغ الدين الوطني الأمريكي حاليًا 36 تريليون دولار، وتستهلك تكاليف خدمته جزءًا من الميزانية الفيدرالية أكبر من ميزانية الدفاع أو الرعاية الصحية (Medicare). وبالتالي، فإن العودة إلى مستويات الإنفاق السابقة لجائحة كوفيد أصبحت ضرورة، حتى لو كان تحقيق هذا الهدف يستغرق بضعة أشهر.

 

التحديات داخل واشنطن والموقف الشعبي من الاقتصاد

 

لسوء الحظ، لا يزال العديد من أصحاب النفوذ في واشنطن مرتاحين للوضع الاقتصادي الحالي، لأنه يخدم مصالحهم الخاصة. لكن الأمريكيين العاديين يشعرون بآثار التضخم الذي يغذيه الإنفاق الحكومي المفرط. فعلى سبيل المثال، وصلت حالات التخلف عن سداد قروض السيارات إلى أعلى مستوى لها في التاريخ، متجاوزة حتى أسوأ فترات الأزمة المالية العالمية لعام 2008-2009.

 

الناخبون يثقون بقدرة ترامب على إنقاذ الاقتصاد

 

انتخب المواطنون الأمريكيون ترامب لأنه منحهم الازدهار في ولايته الأولى، وهم يؤمنون بقدرته على إنقاذ البلاد من المستنقع الذي خلقه بايدن. الآن، يجب على جميع الجهات في واشنطن، من البيت الأبيض إلى وزارة العدل والكونغرس، أن تتبنى هذه المهمة الاقتصادية بأقصى قدر من الجدية والالتزام.

 

ستيف كورتيس

 

رئيس رابطة العمال الأمريكيين

مستشار سياسي كبير في منظمة Catholic Vote

مستشار سابق للرئيس ترامب وجي دي فانس

معلق سياسي سابق في فوكس نيوز وسي إن إن

 

المصدر: RealClearPolitics - Cortes Investigates Substack

تعليقات الزوار