En

ارتفاع الدين الداخلي العراقي يثير مخاوف الخبراء وتطمينات حكومية

يشهد العراق ارتفاعاً متسارعاً في حجم الدين الداخلي، ما أعاد الجدل حول سلامة السياسة المالية وقدرة الحكومة على إدارة التزاماتها وسط ضغوط اقتصادية متزايدة.

ووفق بيانات البنك المركزي العراقي، بلغ الدين الداخلي حتى نهاية يونيو/حزيران 2025 نحو 87.7 تريليون دينار (ما يعادل 66.4 مليار دولار)، بزيادة تجاوزت 5% عن العام الماضي، في وقت تُرجع فيه الحكومة هذه الزيادة إلى الاعتماد على التمويل المحلي لسد العجز المالي الناتج عن تقلب الإيرادات النفطية.

ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الزيادة تمثل مؤشراً مقلقاً على ضعف هيكل الموازنة العامة. إذ يؤكد الخبير عمار غسان أن خفض سعر صرف الدينار العراقي من 1450 إلى 1310 للدولار الأمريكي أدى إلى ارتفاع النفقات الحكومية بشكل كبير، وخصوصاً في بند الرواتب الذي قفز من 43 إلى 60 تريليون دينار خلال عامين فقط.

وأشار غسان إلى أن اعتماد الحكومة على سيولة المصارف العامة والخاصة لتمويل التزاماتها أضعف النشاط الاقتصادي العام، كما زاد الضغط على النظام المصرفي، محذراً من آثار سلبية تشمل تفاقم العجز المالي، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع النمو الاقتصادي.

في المقابل، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، متانة الوضع المالي للدولة، مشدداً على أن الديون الداخلية تُدار بالكامل داخل الجهاز المصرفي الحكومي، وأن العراق يمتلك “ثروات اقتصادية هائلة تفوق تلك الديون”.

وأضاف أن الحكومة تعمل على تحويل الدين إلى أدوات استثمارية إنتاجية ضمن صندوق وطني لتقليل الأعباء المالية على الموازنة.

أما المستشار الاقتصادي علاء الفهد، فأشار إلى أن الحكومة تتجه نحو تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على القروض الخارجية من خلال تعزيز الاستثمار وإصدار السندات الحكومية، معتبراً أن هذه الخطوات تمثل جزءاً من “التحول الهيكلي في الإدارة التمويلية للاقتصاد العراقي”.

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي حسن الشيخ زيني أن ارتفاع الدين الداخلي “أقل خطورة” من الخارجي، لكنه ناتج عن تراجع أسعار النفط واعتماد الموازنة عليه بنسبة تتجاوز 95%.

ودعا إلى خفض النفقات التشغيلية، ومكافحة الفساد المالي، وتفعيل الحوكمة الإلكترونية في إدارة الإيرادات العامة لضمان توجيه الأموال نحو مشاريع إنتاجية تقلل من الاعتماد على النفط.

ورغم تطمينات الحكومة، يبقى تصاعد الدين الداخلي مؤشراً مقلقاً على هشاشة السياسة المالية في ظل استمرار الإنفاق التشغيلي المرتفع وتباطؤ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام.

تعليقات الزوار