En

هل يهدد الذكاء الاصطناعي بقاء البشرية؟ خبراء يجيبون

في ظلّ تسارع التطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم، تزداد التساؤلات حول مدى أمان الذكاء الاصطناعي وحدود سيطرته على الإنسان. ومع تنامي التطبيقات الذكية مثل ChatGPT وGemini وCopilot، بدأ الحديث يتجه من الإعجاب إلى القلق، ومن التبشير بالثورة التقنية إلى التحذير من “نهاية العالم الرقمية”.

مجلة The Conversation طرحت سؤالاً مباشراً على خمسة من أبرز الخبراء في أستراليا: هل يشكّل الذكاء الاصطناعي خطراً وجوديًا على البشرية؟

ثلاثة من كل خمسة خبراء: لا خطر وجودي حقيقي

أجمع ثلاثة من الخبراء الخمسة على أن ما يُثار حول "تهديد وجودي" هو تهويل مبالغ فيه، وأن الأخطار الحقيقية لا تكمن في الذكاء الاصطناعي ذاته، بل في سوء استخدامه من قبل الإنسان أو في غياب الأطر الأخلاقية والرقابية.

وأشاروا إلى أن التحديات الواقعية تتمثل في: انتشار المعلومات المضللة التي تنتجها الأدوات التوليدية، والتمييز الخوارزمي في قرارات التوظيف والعدالة والتمويل، وفقدان الوظائف في قطاعات متعددة نتيجة الأتمتة، والاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية في اتخاذ القرارات الحساسة.

وبحسب آرون ج. سنوزويل، الباحث في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، فإن “الذكاء الاصطناعي ليس خطراً وجودياً بحد ذاته، بل هو مرآة تعكس طبيعة المجتمعات التي تستخدمه”.

أما الأستاذة نيوشا شافيابادي من الجامعة الكاثوليكية الأسترالية فترى أن الحديث عن “ذكاء خارق يدمّر البشرية” يستند إلى تصورات سينمائية أكثر من كونه علمية، مشيرة إلى أن الأنظمة الحالية لا تملك وعياً ذاتياً أو إرادة مستقلة.

فريق آخر يحذر: تجاهل الاحتمال خطأ استراتيجي

في المقابل، حذّر سيد علي ميرجليلي وسيمون كوجلان من خطورة الاستخفاف بالمخاطر طويلة الأمد.

فوفقاً لهما، فإن تطور الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة قد يقود إلى أنظمة لا يمكن التحكم بها، خاصة إذا تجاوزت القدرات البشرية في التعلم والتخطيط والإبداع.

وقال كوجلان، نائب مدير مركز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة ملبورن: “التهديد لا يكمن في نية الذكاء الاصطناعي، بل في احتمال أن نمنحه سلطة اتخاذ قرارات لا نفهمها تمامًا”.

كما دعا ميرجليلي، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة تورنز الأسترالية، إلى إنشاء هيئات رقابية دولية تشبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تكون مهمتها الإشراف على تطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الحساسة، خاصة في مجالات الدفاع والأمن السيبراني.

بين التفاؤل والحذر: مستقبل غامض ولكن قابل للضبط

يتفق الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي سيُعيد تشكيل العالم اقتصادياً وثقافياً، لكنه لا يزال أداة بيد الإنسان. ويرى الباحثون أن الخطر الأكبر اليوم ليس “ذكاءً خارقاً يدمّرنا”، بل الاستخدام غير المسؤول لهذه التكنولوجيا، سواء من قبل الحكومات أو الشركات أو الأفراد.

ويختصر التقرير خلاصة الموقف العلمي الراهن: الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا للبشرية، لكنه قد يصبح كذلك إذا تُرك دون ضوابط وأخلاقيات.

 

تعليقات الزوار