En

روسيا – الشركات الغربية كانت تعلم المخاطر مسبقاً

بقلم: تيموثي آش هو خبير اقتصادي ومحلل استراتيجي أول في شؤون الأسواق الناشئة بشركة "BlueBay Asset Management" ومقرها لندن

تبدو روسيا مضطربة إزاء التوجه المتنامي في الغرب نحو استخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة، البالغة 330 مليار دولار، لدعم أوكرانيا في معركتها ضد الغزو الروسي غير المبرر وغير القانوني لأراضيها.

وقد حذّر الكرملين من أن أي خطوة لمصادرة هذه الأصول ستقابل بإجراءات انتقامية من موسكو، تشمل مصادرة الأصول الغربية داخل روسيا. لكن هذه التهديدات، رغم أنها ليست مفاجئة، لا ينبغي أن تكون سبباً لتغيير سياسة الغرب.

أولاً، هذا الموقف يعكس ارتباك روسيا. فموسكو تدرك أن تحويل أصول البنك المركزي الروسي إلى أوكرانيا سيكون "مغيراً لقواعد اللعبة"، إذ سيضمن تمويل كييف لعامين أو ثلاثة مقبلة، ويمكنها من شراء العتاد العسكري الغربي اللازم للدفاع عن نفسها وتحقيق النصر. مثل هذه الخطوة سترفع كلفة الحرب على موسكو وتجبرها على التساؤل: هل هي مستعدة فعلاً لمواصلة القتال لسنوات إضافية، ومطابقة أوكرانيا دولاراً بدولار، من أموالها هي نفسها؟

ثانياً، وجد الغرب وسيلة ضغط غير متماثلة ضد موسكو، إذ إن قيمة الأصول الروسية المحتجزة في الغرب — سواء الحكومية أو الخاصة — تبلغ نحو 500 مليار دولار، أي عشرة أضعاف الأصول الغربية المحتجزة في روسيا. بل إن المبلغ الفعلي المعرض للخطر قد يكون أكبر بكثير، نظراً لأن خروج رؤوس الأموال الروسية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي تجاوز تريليوني دولار.

ثالثاً، تهديد روسيا بمصادرة الأصول الغربية "رداً على المصادرة الغربية" يحمل مفارقة واضحة، إذ إن موسكو سبق أن صادرت بالفعل العديد من الأصول الغربية داخل أراضيها، وغالباً ما نقلتها إلى المقربين من بوتين بأسعار رمزية.

رابعاً، والأهم، أن الشركات الغربية التي علقت أصولها في روسيا كانت على علم تام بنوعية النظام الذي تتعامل معه وبالمخاطر المترتبة على ذلك. لقد حذرتها حكوماتها مراراً، وكان بإمكانها ملاحظة السلوك العدائي الروسي منذ الغزو الأول لجورجيا عام 2008، ثم قضية ليتفينينكو، والهجوم الكيميائي في سالزبري، وضمّ القرم عام 2014، وغزو دونباس في العام نفسه، والتحذيرات الغربية من الغزو عام 2021، وصولاً إلى الغزو الفعلي في 2022 وما تلاه من مجازر في بوتشا وماريوبول.

على مدى هذه السنوات الطويلة، أتيحت لتلك الشركات فرص كثيرة لبيع أعمالها في روسيا والخروج من السوق، لكنها اختارت البقاء وجني الأرباح الاستثنائية. واليوم، تجد نفسها عالقة بسبب قراراتها الاستثمارية الخاطئة.

فلماذا يجب على دافعي الضرائب الغربيين إنقاذها الآن؟ لأن الامتناع عن استخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة لتمويل أوكرانيا — حفاظاً على مصالح تلك الشركات — يعني ببساطة أن دافعي الضرائب هم من سيتحملون كلفة تمويل الحرب الأوكرانية والدفاع عن أوروبا.

إنه نموذج واضح لـ"الخطر الأخلاقي"، حيث تتوقع شركات خاصة أن تُنقذها الأموال العامة من أخطائها. والأخطر أن مصالح الأمن القومي الغربي ستوضع في مرتبة أدنى من مصالح شركات جشعة استفادت طويلاً من التعامل مع نظام فاشي وقاتل.

ببساطة، يجب أن تكون مصالح دافعي الضرائب الغربيين، وأمننا القومي، في المقام الأول.

تعليقات الزوار