En

تقرير أمريكي يرسم مستقبلاً مظلماً لأفغانستان

تواجه أفغانستان تحديات متفاقمة في الأمن الغذائي بسبب انخفاض معدلات الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وتدهور أوضاع المحاصيل الزراعية، وفقًا لتقرير مناخي جديد صادر عن "شبكة نظم الإنذار المبكر بالمجاعة" (FEWS NET)، وهي مبادرة تمولها الولايات المتحدة لمراقبة مخاطر انعدام الأمن الغذائي عالميًا.

أُعد التقرير بالتعاون مع هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS) والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) وعدد من الوكالات الأخرى، ويُظهر أن معدلات الهطول بين أكتوبر 2024 وأبريل 2025 كانت أقل بنسبة 40% من متوسط الأربعين عامًا الماضية، مع تسجيل عجز كبير في شمال وغرب البلاد يهدد الزراعة المعيشية وسلاسل الإمداد الغذائي على نطاق أوسع.

سجلت العديد من المناطق، خاصة في الشمال والغرب، عجزاً تراكمياً في الأمطار تجاوز 50%. ويحذر التقرير من أن هذا النقص قد أثر بشدة على محاصيل القمح الشتوي، التي تمر الآن بمراحل التزهير وتكوين الحبوب، مما يهدد موسم الزراعة الربيعي.

وجاء في التقرير: "قلة الأمطار أدت إلى تأخير الزراعة، وضعف في الإنبات، وزيادة في الإجهاد المائي في المناطق المعتمدة على الأمطار. معظم محاصيل القمح الشتوي في الشمال الغربي تعاني من إجهاد معتدل إلى شديد".

كما أشار التقرير إلى أن الغطاء الثلجي في البلاد منخفض بشكل حرج، إذ سجل مؤشر مكافئ المياه الثلجية (SWE) – وهو مؤشر رئيسي لمياه الري والطاقة الكهرومائية – عجزًا يتراوح بين 40 إلى 60% عن المستويات الطبيعية في الأحواض الرئيسية، ما يهدد إمدادات الري الصيفي، لا سيما في المناطق التي تعتمد على ذوبان الجليد.

وتفاقم الوضع بفعل درجات الحرارة المرتفعة. فقد كانت درجات الحرارة في أبريل أعلى بـ2 إلى 4 درجات مئوية من المعدلات الطبيعية، مما سرّع من تبخر المياه من التربة وقلل من الرطوبة الأرضية. وتشير التوقعات لشهري مايو ويونيو إلى استمرار ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار، مما ينذر بمزيد من التدهور في الإنتاج الزراعي والمراعي.

وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية من مؤشر الغطاء النباتي (NDVI) انخفاضاً حاداً في جودة المراعي عبر معظم أنحاء البلاد. وسجلت ولايات بادغيس و غور و فارياب تدهوراً ملحوظًا عن متوسط الخمس سنوات الماضية، ما يشير إلى قلة توفر أعلاف الماشية خلال فصل الصيف.

أسعار الغذاء لا تزال متقلبة. فرغم استقرار أسعار دقيق القمح والأرز على المستوى الوطني، ارتفعت أسعار السلع الأساسية الأخرى بشكل ملحوظ:

ارتفعت أسعار زيت الطهي بنسبة 18% مقارنة بالعام الماضي،

وزادت أسعار الملح بنسبة 22%،

كما ارتفعت أسعار أعلاف الحيوانات بنسبة 12%.

ورغم ارتفاع قيمة العملة الأفغانية بنسبة 2.5% مقابل الدولار الأميركي في مارس وأبريل، مما قد يوفر بعض التخفيف المؤقت في الأسواق المعتمدة على الاستيراد، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لتعويض الضغوط التضخمية الواسعة التي تثقل كاهل الأسر الريفية.

أما الآثار الإنسانية، فهي خطيرة للغاية. إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 23.7 مليون شخص – أي أكثر من نصف السكان – يحتاجون إلى مساعدات، بينهم 3.4 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد.

وأكد التقرير أن التقلبات المناخية في أفغانستان تتماشى مع اتجاهات إقليمية أوسع، يُرجّح أن تكون ناجمة عن تغير المناخ. وعلى الرغم من أن ظاهرة "النينو" (ENSO) من المتوقع أن تبقى محايدة حتى منتصف 2025، فإن البيانات التاريخية تشير إلى أن مراحل "لانينيا"، المتوقع عودتها في وقت لاحق من هذا العام، ترتبط بزيادة مخاطر الجفاف في جنوب ووسط آسيا.

"الجفاف المستمر، ودرجات الحرارة العالية، وانخفاض الثلوج، كلها عوامل اجتمعت لتضع أنظمة الغذاء والمياه في أفغانستان تحت ضغط شديد،" اختتم التقرير "دون تدخل فوري، فإن قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية معرضان لخسائر فادحة."

الجهات المشاركة في رصد هذا التقرير تشمل: FEWS NET، هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS)، NOAA، ومركز مخاطر المناخ.

 

تعليقات الزوار